
التاریخ: 16 يونيو, 2015
المشاهدات: 760
الطباعة
إرسل لصدیقك
الکاتب: ابن سینا
ملاحظات:
- توهم التفكير خارج أسوار المنطق الأرسطي
- سلسلة وسائل وادوات التثقيف ـ الحلقة الثالثة (صناعة الرموز)
- ملاك الصحة والخطأ في التفكير
- النفس حقيقتها ومنازلها ـ الحلقة الأولى
- سلسلة انماط الحكومات ومقدار مقبوليتها (الحلقة الثانية)
مقالات اخرى حول الموضوع
- فن المنطق ومراتب التصور والتصديق
مقالات اخرى للكاتب
التعليم و التعلم منه صناعي مثل تعلم النجارة و الصباغة، و إنما يحصل بالمواظبة على استعمال أفعال تلك الصناعة. و منه تلقيني مثل تلقين شعر ما أو لغة ما و إنما يحصل بالمواظبة على التلفظ بتلك الأصوات و الألفاظ ليحصل ملكة. و منه تأديبي، و إنما يحصل بالمشورة على متعلمه. و منه تقليدي، و هو أن يألف الإنسان اعتقاد رأي ما، و إنما يحصل له من جهة الثقة بالمعلم. و منه تنبيهي كحال من يعلم أن المغناطيس يجذب الحديد، لكنه غافل عنه في وقته و لا يفطن له عند إحساسه جاذبا للحديد، فيعجب منه، فيقال له: هذا هو المغناطيس الذي عرفت حاله. فحينئذ يتنبه و يزول عنه التعجب. أو كمن يخاطب بالأوائل فلا يفطن لها لنقص في العبارة أو في ذهنه فيحتال في تقريرها له. و منه أصناف أخر، و ليس شيء منها بذهني أو فكري. و الذهني و الفكري هو الذي يكتسب بقول مسموع أو معقول من شأنه أن يوقع اعتقادا أو رأيا لم يكن، أو يوقع تصورا ما لم يكن و هذا التعليم و التعلم الذهني قد يكون بين إنسانين و قد يكون بين إنسان واحد مع نفسه من جهتين. فيكون من جهة ما يحدس الحد الأوسط في القياس مثلا- معلما، و من جهة ما يستفيد النتيجة من القياس- متعلما. و التعليم و التعلم بالذات واحد و بالاعتبار اثنان. فإن شيئا واحدا- و هو انسياق ما إلى اكتساب مجهول بمعلوم- يسمى بالقياس إلى الذي يحصل فيه- تعلما، و بالقياس إلى الذي يحصل عنه، و هو العلة الفاعلة- تعليما. مثل التحريك و التحرك.
و كل تعليم و تعلم ذهني و فكري فإنما يحصل بعلم قد سبق. و ذلك لأن التصديق و التصور الكائنين بهما إنما يكونان بعد قول قد تقدم مسموع أو معقول. و يجب أن يكون ذلك القول معلوما أولا، و يجب أن يكون معلوما لا كيف اتفق، بل من جهة ما شأنه أن يكون علما ما بالمطلوب: إن لم يكن بالفعل فبالقوة.
أما التصديق فيتقدمه معلومات ثلاثة: أحدها تصور المطلوب و إن لم يصدق به بعد. و الثاني تصور القول الذي يتقدم عليه في المرتبة. و الثالث تصديق القول الذي يتقدم عليه في المرتبة.
فيتبع هذه الثلاثة المعلومات تصديق بالمطلوب. و سواء جعلت القول الذي يتقدم عليه بالمرتبة قياسا أو استقراء أو تمثيلا أو ضميرا أو غير ذلك، فلا بد من مقدمة أو مقدمات يحصل العلم بها من وجهين: من جهة التصور أولا، و التصديق ثانيا، حتى يكتسب بها تصديق لم يكن.
و أما التصور فيجب أن يتقدمه تصور أجزاء الحد أو الرسم لا غير و في الصناعات العملية أيضا إنما يتوصل إلى التعليم و التعلم من علم متقدم كما أن متعلم النجارة يجب أن يعلم أولا ما الخشب و ما القدوم، و أن الخشب من شأنه أن ينحت بالقدوم و ينشر بالمنشار و يثقب بالمثقب و ما أشبه هذا
……………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………..
الشفاء(المنطق) البرهان 58 الفصل الثالث في أن كل تعليم و تعلم ذهني فبعلم قد سبق ….. ص : 57الفصل الثالث «1»